الاثنين، 12 مايو 2008

استدلال النصارى بآيات من القرآن على ألوهية المسيح

استدلال النصارى بآيات من القرآن على ألوهية المسيح


يورد النصارى ويثيرون في وجه المسلمين شبهات زعموا فيها أن القرآن يصدق عقيدتهم وقولهم في المسيح، وأنه ابن الله. واستندوا في ذلك إلى متشابه الآيات التي فهموها وفق مرادهم، وإلى ما في الآيات الكريمة من ثناء على المسيح وأمه والحواريين والمؤمنين من النصارى.
فقد زعم بعضهم أن القرآن ذكر ألوهية المسيح باعتباره كلمة الله وروحه كما في قوله «إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه( (النساء :171» .
وفي مواجهة شبهات النصارى واستدلالهم نذكر أنه ثمة آيات كثيرة تكفر النصارى، وتبين فساد عقيدتهم، منها قوله: « لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم » «المائدة: 17» ، وقوله: « لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصارٍ ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثةٍ وما من إلهٍ إلا إلهٌ واحدٌ وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذابٌ أليمٌ » «المائدة :72-73» ، ومثله قوله: «قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (( التوبة: 29» .
وقد أنكر القرآن أشد النكير على أهل الكتاب من النصارى ادعاءهم أنه ولد الله « وقالوا اتخذ الرحمن ولداً ( لقد جئتم شيئاً إداً ( تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً ( أن دعوا للرحمن ولداً ( وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً ( إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً » «مريم: 88-93» وقال: « ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ( ما كان لله أن يتخذ من ولدٍ سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون » «مريم: 35-36» .
وذكر القرآن عبودية المسيح في آيات كثيرة، ومنه قوله تعالى: « إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل » «الزخرف: 59» ، ولما نطق في مهده عليه السلام صرح بهذه الحقيقة، فقال: « قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً» «مريم: 20» ، « ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون ( إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراطٌ مستقيمٌ » «الزخرف: 63-64» .
وقال القرآن مصرحاً برسالته «ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون » « المائدة: 75» . وقال: « يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثةٌ انتهوا خيراً لكم إنما الله إلهٌ واحدٌ سبحانه أن يكون له ولدٌ له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً ( لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً» «النساء : 171-172» .
وأما بخصوص تعلق النصارى بالآية السابقة، فإنما هو تعلق غريق أعياه أن يجد في كتابه دليلاً يصرح بألوهية المسيح، فعمد إلى كتب غيره يحرف المعاني ويتنكب الحقائق.
كان أهم ما تمسك النصارى وتعلقوا به قول الله تعالى: «فنفخنا فيه من روحنا( (التحريم : 12» . وقوله « إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه( (النساء : 171»
فلقد فهموا من هذين النصين أن عيسى هو روح الله القائمة به، وهو كلمته أي كلامه جل وعلا.
والآية بتمامها تظهر بطلان استدلالهم « يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً ( لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً ( (النساء: 171-172» ، فتلحظ أن أول الآية وآخرها يكذب النصارى في استدلالهم، ويصرح بعبودية المسيح لله تبارك وتعالى.
والمسيح كلمة الله لأنه خلق بكلمة الله، فهو كلمة الله المخلوقة، وليس كلمة الله الخالقة، والتي هي أمر التكوين كن، وهذا ما ذكره وبينه القرآن الكريم « إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون ( (آل عمران: 59» ، وفي آية أخرى: « قالت رب أنى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ( (آل عمران:47 » فصرحت الآية أنه مخلوق بكلمة الله.
وسبب اختصاص المسيح بهذا الاسم الكريم أنه ليس للمسيح سبب بشري قريب من جهة أبيه ينسب إليه كما الناس، لذا نسب إلى سببه القريب، وهو تخليقه بكلمة الله، التي تخلق وفق أمرها.
وأما قوله «فنفخنا فيه من روحنا( فالمراد بالروح منه جبريل عليه السلام، كما سماه الله عز وجل في آية أخرى: ( وأيدناه بروح القدس( (البقرة: 87» .
والمسيح إنما خلق بنفحة منه « فنفحنا فيها من روحنا( (الأنبياء: 91» .
وهذا المعنى هو ما ورد في حق آدم أيضاً « ونفخت فيه من روحي ((الحجر: 29» فهي إضافة تشريف وتكريم، ولو أوجبت هذه الإضافة معنىً خارجاً عن الإنسانية لكان آدم أولى بذلك.
وهذا معهود في لغة العرب كقول القائل: «خذ طرفك» يريد طرف الخشبة أو الحذاء، فجعله طرفاً للحامل، وكذلك فينسب كل روح لله، لأنه جل وعلا سببها وخالقها.
ويدل أيضاً على هذا الاستعمال للفظ الروح بمعنى الملائكة قوله تعالى: «وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ( (الشورى: 52» ، ومثله قول موسى: « قال له موسى: هل تغار أنت لي، يا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء، إذا جعل الرب روحه عليهم» «العدد 11/29» ، ويقول : « يقول الله: ويكون في الأيام الأخيرة إني أسكب من روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً» «أعمال 2/17» .
وهكذا فإن القرآن كما العهد الجديد متفقان على أن المسيح عبد الله ورسوله المجتبى إلى بني إسرائيل.

الخاتمة


وهكذا نصل إلى خاتمتنا مطافنا الطويل في إجابتنا للسؤال الكبير الذي طرحناه: المسيح عليه السلام، إله أم رسول؟
فقد رأينا - من خلال هذه الرحلة التي أبحرنا فيها في نصوص الكتاب المقدس – أن المسيح عليه السلام، كان نبياً من أعظم أنبياء الله، وأنه عليه السلام لم يدع ربوبية ولا ألوهية، ولم يستنكف عن عبادة ربه والدعوة إليها طرفة عين.
وثبت لدينا أن كل ما تدعيه النصارى من أدلة ألوهيته سراب يدحضه القليل من التأمل في نصوص الكتاب المقدس، والذي أثبت لنا بشرية المسيح ونبوته صلى الله عليه وسلم.

كما عرفنا ومن خلال النصوص المصدر الذي استقى منه بولس هذا المعتقد الوثني، والذي أراد من خلاله النيل من دين المسيح بتحريفه وجعله ديناً وثنياً، وابتعد به عن تعاليم المسيح وتلاميذه، لتظهر المسيحية بثوبها الجديد الذي نسجه بولس، وليختفي التلاميذ والحواريون في أتون الاضطهادات الرومانية، في انتظار بزوغ الفجر الجديد والعهد الأخير، المتمثل في الإسلام ونبيه العظيم، محمد صلى الله عليه وسلم.

وإلى لقاء مع حلقة رابعة من حلقات سلسلة الهدى والنور، وحديثنا في الحلقة القادمة – إن شاء الله - بعنوان: هل افتدانا المسيح على الصليب؟

اللهم اهدنا لما اختلفنا فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. اللهم آمين.
000010


الله واحد أم ثلاثة_د. منقذ بن محمود السقار


المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات

 المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات وأول المسائل المسكتات أنا نسأل النصارى عن هذ ا التوحيد ) 1 ( الذي شرحته والإيمان الذي وصفته ، ه...