السبت، 5 ديسمبر 2009

نظرات في الكتاب المقدس3

نظرات في الكتاب المقدس
ثالثا: أصول الكتاب المقدس
New Page 0

يجمع معظم مؤرخو المسيحية على أن الكتاب المقدس ، عبارة عن تراث شعبى منقول بلا سند عبر الأجيال إلا الذاكرة ، وهى المؤثر الوحيد الذى ساعد على نقل الأفكار من جيل إلى جيل .

ويقول ادموند جاكوب :

"أن كل شعب يغنى فى مراحل تطوره البدائية ، وفى إسرائيل ، كما حدث فى غيرها من البلاد ، سبق الشعر النثر ، ولقد غنت إسرائيل كثيرا وكانت تحسن الغناء ، ولأن الظروف التاريخية ساعدت إسرائيل على الوصول إلى قمة الحماس ، و كذلك هوت بها إلى مهاوى اليأس ، ولأنها ساهمت بكل كيانها فى كل ما حدث لها حيث أنه كان لكل شئ معنى فى نظرها ، فإنها قد أعطت أغانيها تعبيرات شديدة التنوع". أهـ

ويعدد جاكوب هذه المناسبات التى يحتوى العهد القديم على الأغانى المصاحبة لها ومنها أغانى الطعام وأغنية الاحتفال بنهاية الحصاد ، وأناشيد العمل مثل نشيد البئر المشهور ( سفر العدد 21/17 ) ، وأناشيد الزواج مثل نشيد الإنشاد ، وتراتيل الحداد ، وأناشيد الحرب وهى كثيرة فى العهد القديم ومنها ترنيمة دبورة ( القضاة 15/1-32 ) وفيها تترنم بنصر إسرائيل الذى أراده يهوه فى نهاية حرب مقدسة قادها بنفسه ( العدد 10/35 ) .

وهنك أيضا الحكم والأمثال ( سفر الأمثال ، وأمثال وحكم الكتب التاريخية المقدسة ) .

وقد لاحظ ادموند جاكوب أن هذه الأقوال تناقلها جيل وراء جيل إما عن طريق الأسرة وإما عن طريق المعابد على شكل روايات لتاريخ الشعب الذى سمى نفسه شعب الله المختار .

وقد ذكر على سبيل المثال قصة يوتام ( القضاة 9/7-21 ) وفيه :

ذهبت الأشجار لتمسح عليها ملكا فتوجهت أولا إلى الزيتونة ، ثم إلى التينة ، ثم إلى الكرمة ثم إلى العوسج من هذا خلص جاكوب إلى أن :

يحتمل أن ما يرويه العهد القديم عن موسى والأباء الأولين لا يتفق إلا بشكل تقريبى مع المجرى التاريخى للأحداث ، ولكن الرواة كانوا يعرفون ، حتى فى هذه المرحلة من النقل الشفهى ، كيف يضفون الأناقة والخيال حتى يربطوا بين أحداث شديدة التنوع . وقد نجحوا فى تقديم هذه الأحداث المختلفة فى شكل حكاية لما حدث فى أصل العالم والإنسان ، ويستطيع العقل النقدى أن يراها ، فى نهاية الأمر ، معقولة بشكل كاف .


والعهد القديم يتكون من مجموع أسفار لا تتساوى فى الطول وتختلف فى النوع ، كتبت هذه الأسفار على مدى يربو على تسعة قرون وبلغات مختلفة واعتمادا على التراث المنقول شفهيا. وقد صححت وأكملت هذه الأسفار ، بسبب أحداث حدثت أو بسبب ضرورات خاصة .

ويقول الباحث ج .ب. ساندورز الأستاذ بكلية الدومينيكان بسولشوار فى دائرة معارف يونيفرسال :

"بحلول القرن العاشر قبل الميلاد ، تم تحرير النص المعروف بالرواية اليهوية ( لأن أسم الله بها يهوه )" . والتى شكلت فيما بعد بنية الأسفار الخمسة التى عرفت باسم أسفار موسى الخمسة . وقد أضيفت إلى هذا النص بعد ذلك الرواية المعروفة بالألهيمية ، والرواية الأخرى المعروفة بالكهنوتية ، ويعالج النص اليهوى الأول الفترة من الأصل للعالم وحتى موت يعقوب وهو صادر عن مملكة الجنوب .

ومن نهاية القرن التاسع وحتى أواسط القرن الثامن قبل الميلاد تكون وذاع النفوذ النبوى مع ايليا واليشع وكتابهما فى حوزتنا . وتلك أيضا فترة النص الأليهمى للتوراة الذى يعالج فترة زمنية محدد بالنسبة إلى النص اليهوى . فهذا النص يكتفى برواية الأحداث الخاصة بإبراهيم ويعقوب ويرجع سفرا يشوع والقضاة إلى تلك الفترة

أما القرن الثامن قبل الميلاد فهو عصر الأنبياء عاموس وهوشع فى إسرائيل وإسرائيل واسفياء وميخا فى مملكة الجنوب .

وبالاستيلاء على سامرا فى 721 قبل الميلاد انتهت مملكة إسرائيل ، وأستقبلت مملكة الجنوب ميراثها الدينى ، ويحتمل أن مجموعة الأمثال تنتمى إلى ذلك العصر ، والذى يتسم على وجه خاص باتحاد نص التوراة اليهوى والألهيمى فى مجلد واحد وبهذا تشكل ما يعرف بالتوراة ، ويحتمل أن يرجع تحرير سفر التثنية إلى هذه العصر أيضا .

ويلتقى حكم يشوع ، فى النصف الثانى من القرن السابع قبل الميلاد ، مع بدايات النبى إرميا ولكن مؤلف هذا الأخير لم يتخذ شكله النهائى إلا بعد ذلك العصر بقرن .

أما رسائل صفينا وناحوم وحبقوق فيرجع تاريخها إلى ما قبل النفى الأول إلى بابل عام 598 ق.م وكان حزقيال يمارس النبوة فى أثناء هذا النفى . ثم سقطت القدس فى 587 ق.م هذا الحديث يسبق بداية النفى الثانى الذى امتد حتى 538 ق.م .

أما كتاب حزقيال ، وهو أخر نبى كبير ونبى المنفى أيضا ، فإنه لم يدون فى شكله الحالى إلا بعد موته ؟ ! . وقد دون الكتبة وهم الذين أصبحوا ورثته الروحيين ، وقد قام نفس هؤلاء الكتبة بتدوين رواية ثالثة لسفر التكوين وأسمها الرواية الكهنوتية وهى الرواية التى أوردت الجزء الخاص بالخلق والذى يمتد حتى موت يعقوب .

وهكذا إذن أدخل نص ثالث على النصيين اليهوى والألهيمى فى التوراة . وأنتهى النفى إلى بابل بأمر سيروس فى 538 ق.م . فعاد اليهود إلى فلسطين وأعيد بناء معبد القدس ، واستؤنف النشاط النبوى ، ومن هنا كانت كتب حجاى وزكريا واسفيا الثالث وملاخى ودانيال وباروك وقد كتب هذا الأخير باليونانية .

والفترة التى تلى النفى هى أيضا فترة كتب الحكمة جردت الأمثال نهائيا فى 480 ق.م وهى سفر أيوب فى القرن الخامس قبل الميلاد تقريبا . كما يرجع تاريخ سفر الجامعة إلى القرن الثالث ق.م وذلك أيضا هو عصر نشيد الإنشاد ، وكتابى أخبار الأيام وكتب عزرا ونحميا . أما كتاب بن سيراخ فقد ظهر فى القرن الثانى ق.م وأما سفر الحكمة لسليمان والمكابيين فقد كتبوا قبل المسيح بقرن . وأسفار راعوث واستير ويونس فيصعب معرفة تاريخها مثل سفرى طوبيا ويهوديت وكل هذه المعلومات معطاة تحت تحفظات التعديلات اللاحقة ، لأن كتب العهد القديم لم تتخذ هيئتها الأولى إلا قبل قرون من ميلاد المسيح ولم تكتسب شكلها النهائى إلا فى القرن الأول بعد المسيح كما يرى الكثيرون .

على ذلك يبدو العهد القديم صرحا أدبيا للشعب اليهودى منذ أصوله وحتى العصر المسيحى ولقد دونت وأكملت وروجعت الأسفار التى يتكون منها فيما بين القرنين العاشر والأول ق.م .

أنماط من تحريف النصوص :

وكما رأينا فإن التوراة لم تكتب إلى بعد الرجوع من المنفى ، ولم تضم أسفارها إلا بعد ذلك العهد ، وقد قال كليمنس : " إن الكتب السماوية ضاعت فألهم عزيز أن يكتبها مرة أخرى".

وقال جان ميلز :" أهل العلم متفقون على أن نسخة التوراة الأصلية وكذا نسخ العهد القديم ضاعت بين عسكر بختنصر ولما ظهرت نقولها الصحيحة بواسطة عزير ضاعت تلك النقول أيضا فى حادثة انطاكية" .

ويمكن الاستدلال على التحريف بعدة طرق :

بعض الجمل التى توجد فى كتاب موسى تدل صراحة على أن موسى لم يقلها مثل آية العدد 32/40 وهى تنص :

"فأعطى موسى جلعاد لماكير بن منسى سكن فيها ، وذهب يائير بن منسى وأخذ مزارعها ودعاهن حووث يائير ، وذهب نوبح وأخذ قناة وقراها ودعاها نوبح باسمه" .

وكذلك الآية فى التثنية 2/14 وهى تنص :

والأيام التى سرنا فيها من قادش برنيع حتى عبرنا وادى زارو كانت ثمانى وثلاثين سنة .

وبالمثل عبارات هذا الكتاب ( سفر التثنية ) ليست على نمط محاورة كلام موسى ، ولا يمكن أن نقول جزما من الذى ألحقها ولكن نقول أغلب الظن أن عزيرا النبى ألحقها كما فى عنه الإصحاح التاسع والعشرين من كتابه والإصحاح الثامن من سفر نحميا .

وذكر أدم كلارك الآية العدد 21/3 :

"فسمع الله دعاء إسرائيل وسلم فى أيديهم الكنعانيين فجعلوهم وقراهم حوافى وسمى ذلك الموضع حرما .

ثم قال إن هذه الآية ألحقت بعد موضع يوشع ، لأن جميع الكنعانيين لم يهلكوا إلى عهد موسى بل هلكوا بعد موته بفترة طويلة . 1 هـ

كما أن فى التوراة أشياء يكذب بعضها بعضا فإذا نظرنا التكوين 83/29،30

"فارص ولد زنا"

ولكن إذا ذهبنا إلى التثنية 23/2

"ولكن حين رد يده إذا أخوه قد خرج فقالت: لماذا اقتحمت ، عليك اقتحام فدعى اسمه فارص ، وبعد ذلك خرج أخوه الذى على يده القرمز فدعى اسمه زارح" .

فكيف يكون فارص ولد زنا و ولد نكاح وعلى قولهم : فإن من ولد من الزنا لا يدخل جماعة الرب حتى يمضى عشرة أعقاب .

فهذا الحكم لا يمكن أن يكون على لسان نبى وما يجوز أن ينزله الله على موسى ، وإلا لزم عدم دخوله ولا آبائه إلى فارص جماعة الرب لأن داود بطن عاشر من فارص .

وفى القرن السادس عشر أشار كارلتشاد إلى استحالة أن يكون موسى قد كتب بنفسه كيف مات كما فى التثنية 34/5-12.

وفى سنة 1753 نشر جان استروك طبيب لويس الخامس دراسة كان عنوانها :

قرائن عن المذكرات الأصلية التى يبدو أن موسى قد أستخدمها لتحرير سفر التكوين ، " كان لديه( أى موسى ) من الشجاعة أن ينشر على الملأ ملاحظة أساسية وهى وجود نصين جنبا إلى جنب فى سفر التكوين يحتوى كل منها على خاصية مختلفة فى تسمية الرب ، إذ يسميه أحدهما يهوه والثانى يسميه ألوهيم" .

وأما بحاثة القرن التاسع عشر فقد كرسوا جهدهم فى بحث أكثر دقة عن المصادر ، وفى عام 1854 اثبتوا أن تحرير نص أسفار موسى الخمسة قد أمتد على مدى ثلاثة قرون بأقل تقدير.

وفى سنة 1941 استطاع ألبرت لودز أن يميز فى الوثيقة اليهودية ثلاثة مصادر ، وفى الوثيقة الألوهيمية أربعة ، وفى سفر التثنية ستة ، وفى النص الكهنوتى تسعة مصادر .

وبهذا يتضح تكون كتاب أسفار موسى الخمسة من أقوال موروثة مختلفة جمعها بشكل يقل أو يزيد حذقا محررون وضعوا تارة ما جمعوا جنبا إلى جنب وطوروا وغيروا من شكل هذه الروايات بهدف إيجاد وحدة مركبة ، تاركين للعين أمورا غير معقولة وأخرى متنافرة كان من شأنها أن قادت المحدثين إلى البحث الموضوعى عن المصادر .

أما المجمع المسكونى للفاتيكان الثانى فى دستوره العقائدى عن التنزيل ، هذا الدستور الذى أعد فيما بين عامى 1962 ، 1965 ، فإن القارئ يجد أعلاه إشارة تتعلق بالعهد القديم تقول: "إن الأسفار التى يحتويها العهد القديم تحتوى على شوائب وشيئا من البطلان" .

وهكذا فإن المعلومات الغزيرة التى توافرت عن التاريخ الدينى المعاصر لميلا والأناجيل تستطيع أن توضح بعض سمات هذا الأدب الذى يبلبل القارئ المتأمل ، ولكن يجب الذهاب إلى أبعد من هذا ، كما يجب البحث عما يمكن أن تعلمنا به الدراسات المنشورة فى العصر الحديث عن المصادر التى أخذ منها المبشرون لتحرير نصوصهم ، كما يهم أيضا دراسة ما إذا كان تاريخ النصوص بعد استقرارها قادرا على شرح بعض الصفات التى تقدمها فى عصرنا .

وأحدث أبحاث نقد النصوص الخاصة بمصادر الأناجيل فقد أوضحت وجود عملية أكثر تعقيدا من تشكل النصوص ، إذ تنوه طبعة الأناجيل الأربعة المتوافقة وهى للأبوين بنيوا وبومار الأستاذين بمعهد الكتاب المقدس بالقدس ( 1972 1973 ) ، تنوه بشكل خاص إلى تطور النصوص على مراحل متعددة بالتوازى مع تطور التراث ، ويجر هذا إلى نتائج يعرضها الأب بنيوا بهذه الألفاظ فى تقديمه للجزء الذى قام به الأب بومار من الكتاب المشار إليه يقول :

" أن أشكال الأقوال أو الروايات الناتجة عن تطور طويل للتراث لا تتمتع بنفس صحة الأقوال أو الروايات الموجودة أصلا . وقد يدهش بعض قراء الكتاب أو قد يشعر بالحرج عندما يعلم أن هذا القول للمسيح ، أو هذا المثل أو ذلك التصريح بمصيره ، لم تقل مثلما نقرأ اليوم ، وأن هؤلاء الذين نقلوا هذا إلينا قد أجروا عليه لمسات وتعديلات إن هؤلاء الذين لم يعتادوا هذا النوع من البحث التاريخى يجدون هنا مصدرا ممكنا للاندهاش ، بل حتى للاستنكار" . أهـ

والعجيب أن نتائج هذا البحث الخاص بالأناجيل على أهمية بالغة ، فهى تثبت أن نصوص الأناجيل ، التى لها تاريخ تتمتع أيضا حسب قول الأب بومار بتاريخ ما قبل التاريخ . أى أنها خضعت قبل ظهور الصيغة النهائية ، لتعديلات وذلك فى مرحلة الوثائق الوسيطة . وبهذا يتضح على سبيل المثال ، إن حكاية معروفة جيدا وقعت فى حياة المسيح ، حكاية معجزة الصيد ، تقوم كما رأيناه فى إنجيل لوقا ، باعتبارها حدثا وقع فى حياة المسيح ، على حين يقدمها يوحنا كحادثة من حوادث ظهوره بعد قيامته .

وينتج من كل هذه الأمثلة هو أننا لم نعد متأكدين مطلقا من أن ما نقرأه هى كلمات المسيح عندما نطالع الأنجيل .

كما يظهر جليا أن ما قامت به مدرسة الكتاب المقدس بالقدس قد أتى على دعاوى المجمع المسكونى من القواعد وكذبها تكذيبا صارما .


المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات

 المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات وأول المسائل المسكتات أنا نسأل النصارى عن هذ ا التوحيد ) 1 ( الذي شرحته والإيمان الذي وصفته ، ه...